سرير العيد الجديد

لم أنم ليلة سورية هادئة منذ شهر.

أصوات قوية, وروائح نفاذة, وضجيج يملئ الأجواء, جدتي تقول أنها مفرقعات العيد , لماذا العيد في حينا لم ينتهي بعد !  ألم يفرغ مخزون الأولاد من المفرقعات!! … أكره العيد.

مللت من السؤال و من سروال جدتي و من البرد … ومللت من جدي الذي في كل مرة أطلب منه قناة براعم للأطفال  فيجيبني أنها حُجبت فهي من باقة الجزيرة

اين اختفت الجزيرة وكيف تختفي الجزر !!!

لا يجيبني لأنه لم يسمع السؤال من الأصل

أدير ظهري وألعب بأصابعي الصغيرة, وبشعري القصير أقف على المرآة فلا أرى من نفسي إلا عينيّ لأني ربما قصيرة …لماذا لا يصنعون مرآة للأطفال ! أنا أجمل من جدتي يحق لي مرآة خاصة بي , قالوا ان للأطفال حقوقٌ كثيرة …ما هي الحقوق!  وكيف أعد حقوقي هل أعدها مثل أصابعي!! هل هي أجمل من أصابعي؟!

يشتد صوت المفرقعات, ويقترب الصوت أكثر يبدو أن الأطفال جاؤوا ليلعبوا في شرفتنا ! …تهرع جدتي و يلحقها جدي, ويحملاني معاً من قدمي ومن يدي ومن رأسي, أصرخ : هوناً عليكم هذه مفرقعات العيد العيد العيد…متناقضون الكبار  يضربون الأطفال على مؤخرتهم  إن كذبوا …سأضرب جدتي على مؤخرتها حالما تدعني أرضاً.

هبطنا سلالم كثيرة والصوت يقترب.  لماذا يأخذاني الى المفرقعات الكريهة!  لن أسأل, و سأكتفي بالخوف مثلهما.

وصلنا قبواً مظلم ووضعاني أرضاً وأغلقا الأبواب فانفجر شيء ما خارجاً وارتج القبو كله.

ماهذا الصوت؟ تسأل جدتي.

 يجيب جدي : قذيفة

يتجادلان عن موقعها وانا التصق برداء جدتي, يا إلهي رائحته كالبصل,  أنا أكره البصل لأمي , هكذا تقول جدتي, و لكن !!! اين ماما ؟؟؟

تجيبني من خلف شاشة مسطحة في بلد بعيد يقال أنه متجمد  : “أشتاق لك يا أنفاس الربيع ,اشتاق لك يا لون الورد ورائحة المطر

ابقي بين جدران الملجئ  وسأحملك قريبا بين ذراعيي حيث لا عيدُ سيخيفك,  سأغرسك في جسدي مجدداً ولن تسمعي الا أصوات جوفي”..

قد تكذب أمي كجدتي ,سأضربها على مؤخرتها إن فعلت.

أما الآن سأغادركم إلى سريرالعيد الجديد,  إلى حضن جدتي في الملجئ.

تصبحون على خير